-15-
للرجوع للجزء الرابع عشر إضغط هنا
-15-
وبعد المعاناة التي استمرت طويلا كان فيصل يتقلب فيها فوق سريره، ولايستطيع ان يفكر إلا بتلك الورقه التي فكر في ان يحرقها مع إحدى السجائر ويرتاح منها وينام. فغدا لايوجد لدية محاضرات وكان يمني نفسه بأن ينام نومه طويله ومريحه لأنه كان لايكتفي من نومه طوال الاسبوعين الماضيين وكان يعتقد أنه سيعوض ذلك النوم في هذا اليوم يوم الثلاثاء ولكنه لم يستطع ان ينام إلا متأخرا ولذلك اضطر ان يزيد من ساعات نومه حتى العصر... ثم يستيقظ ويفكر في الغداء ولكن ذلك الحرقان في معدته والتفكير المشغول والعقل الشبه متعطل كلها تجعل فيصل لايستسيغ الطعام... وينظر في الثلاجه فيأخذ بعض من المعلبات ويضعها امامه ومعها قطعة خبز وما إن انتهى منها حتى عاد إلى علبة سجائرة والرسالة المطويه في جيب جاكيته... ويقرأها مرة أخرى... يقلبها.. فكر في ان يحرقها مع إحدى السجائر ويرتاح من الهم الذي سببته له تلك الورقه وينسى ساره ايضا ويعود إلى همومة الدراسيه... بدأ يفكر ان ساره هي من أشغلته عن دراسته وجعلها السبب الرئيسي في انخفاض درجاته في الاختبارات النصفيه... والآن هي تسلب منه راحته في نومه وفي تفكيره وذاك الفيلم الذي قد حمّله وكان ينتظر ان يشاهده على سطح مكتب جهازه لم يعد لدية أي رغبة في مشاهدته... ولكن ساره ذات اهميه في حياة فيصل... كيف لا وهي من سبق وأن كتبت له إحدى واجبات مادة الانجليزي فكان لديه واجب كتابة تقرير يتكون من 700 كلمة حول مشاكل الزراعه في السعوديه وكان لديه في نفس اليوم واجب آخر ومذاكره لإختبار مادة اخرى فتكفلت هي بكتابة التقرير كاملا بحكم خبرتها في البنك وتميزها في مادة الانجليزي وأنجز هو بقية أعمالة راجع التقرير الذي كتبته وكان رائعا، وإن كانت هي قد إستخدمت موقع جوجل للترجمه لتكتب بعض الفقرات فعدَّلَ عليها ماكان واجبا عليه تغييره، وأخذ الكثير من أفكارها واعاد صياغتها... وايضا كانت ساره ملجئا له ليشتكي همومه، وكانت الشخص الوحيد الذي يشاركه آلامه وأحزانه كانت تسمع له دائما... ويشعر انه لايوجد احدا يفهمه غيرها...
ولكن هل يقبلها كزوجه؟ ألم يكون يتمنى الزواج وكان هاجسه الكبير وأنه مادخل الجامعه وعمل وإجتهد إلا ليتزوج؟؟ ولكن كيف يتزوج ووالديه الّذين وثقا فيه وتعبا على تربيته وهما يتوقعان منه ان يتزوج الفتاة التي ستختارها والدته... فكر كثيرا في ردة فعل والدته وكيف سيقترح عليها زواجه من ساره إذا كان سيتزوجها؟؟ فكر في اشياء كثيره، عمرها الذي يزيد عن عمره بسبع سنوات تقريبا، ولايعرف شيئا عن قبيلتها وأهلها... ثم فكر بالاشياء الايجابيه من الزواج منها وان كان يعلم انه من سابع المستحيلات ان يتزوج هذه الفتاة... فهو لن يستطيع ان يواجه أهله بهذه الحقيقة! ولم يفكر ان يتزوج فتاة أكبر منه! بالإضافة انه لايزال طالب جامعي ولايستطيع ان يتزوجها لأجل دراسته... فكر في جمال وجهها وجسدها الفاتن.. خطر على باله شكلها ذلك اليوم في مجمع الراشد وفي مطعم فدركرز بالتحديد حيث كان تلبس ذاك القميص الرصاصي والمطرز بالعديد من الألوان وكانت قد تركت الزر الأول من اعلى القميص مفتوحا وكانت فتحة الصدر مثلثة الشكل كان فيصل ينظر إلى ذلك العقد الذي لبسته وماجاوره بدون أن يلفت انتباه ساره وتذكر حينما خجل منها عندما نظر إلى عينيها وعندما اراد ان يبعد عينيه فنظر إلى صدرها فأشعرها ببعض الإحراج وكانت نظرته عفويه بعض الشيء، ولكن خجلت ساره فراحت تعدل قميصها وتشده إلى الاعلى وترتبة من جهة الرقبه لترتفع تلك الفتحه... كانت ترتدي حزاما لامعا وعريضا يبيّن منحنيات جسمها بشكل انثوي ومتناسق فقد كان له دور في تحديد خصرها النحيل ثم يتذكر جينزها الازرق الضيق.. وكيف كانت جميله به فتجعل عيني فيصل حيارى إلى ماذا ينظر إلى وجهها أم الى جسدها الفاتن.. فبعد ضيق خصرها من عند الحزام يبدأ جسدها بالانتفاخ والأتساع الواضح من الجينز الضيق والذي كان قد يتبين اثناء جلوسها وانفتاح العبائة السوداء ووضعها لرجل فوق الأخرى..
فالامور الايجابيه الموجوده في هذا الزواج والتي فكر فيها فيصل هي جمال ساره وذلك كان احد الاسباب الرئيسية وأول شيء فكر به... كما أنها هي من ستتكفل بالزواج وذلك يقتضي انه لن يحتاج إلى المال كما انه سيكون مبكرا جدا وهو دائم التفكير بالزواج واشباع غريزته... كما ان هذه الفتاة احبته من قلبها وتعلقت فيه وبذلك سيتم زواجه على فتاة احبها واحبته ويعرف الكثير عنها، ويكون هو من يقرر من هي زوجته بدلا من فرض مجتمعه والناس حوله زوجته التي سيقضي معها حياته... ففكر وهو يضحك على بعض العادات، كبعض القبائل وخاصة البدو، والذين جعلوا كل فتاة لإبن عمها... وذلك الانغلاق في مجتمعهم والذي لايحبه ولايفضله.. ثم يفكر بالآية الكريمه (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ثم يفكر في أقول والدته وكلامها وتعصبها عند القبليّه... ناسين أو متناسين ان الحب هو المكون الرئيسي في الزواج. ثم يفكر في أن والدته مع خالاته وبمشورة من عماته سيتشاركون في إختيار زوجته والتي لن يعرفها الا من خلال أقل من ثلاث دقائق إسمها "الشوفه الشرعيه" ثم يدخل على زوجته التي لم يعرفها الا من خلال ثلاث دقائق أو أقل...
يضحك فجأة من تفكيره الذي أحب تسميته بـ"العقيم"، فوالده الذي امضى مع امه ثلاثين سنه لم يكن يعرفها وربما منعه جده أبو امه حتى من الشوفه الشرعيه وبالتالي أول مره نظر والده إلى والدته كانت في ليلة الدخله!! شعور مرعب ولكن أكثر عمليات الزواج في مجتمعه تمت هكذا، ولم يكن هناك حاجه للحب بل هذا الحب يتولد مع الأيام... ثم يقول بصوت عالي "مستحيل!!" ويتسائل كيف أتزوج ساره... هذا ماأحب ان يقول عنه إذا باض الديك تزوجتها!! أو كما قال احد الشعراء الذي كان وحيدا على سطح جزيره بعد غرق السفينه ومن تحمل...
إذا شاب الغراب أتيت أهلي... وصار القار كاللبن الحليبِ
فكر فيصل ان زواجه من ساره مستحيل ولكن ستبقى ساره كما يعتقد هاجسا له وذكراها عالقا في ذهنه إلى أبد الآبدين... وانه حتى اذا تزوج ولم يوفق في زواجه فسوف يتحسر على هذه الفرصه الثمينه التي قدمتها له ساره على ورقة مطويه وليست طبقا من ذهب!! ولكن كانت فرصة العمر بالنسبة لفيصل وهي ان يتزوج قبل خمس سنوات وربما قد تزيد عما قدره في حساباته... ولن يحتاج إلى التخرج ليتزوج... إنشغل تفكيره طوال ذلك اليوم بدون محصله فقد كان يرى ان الزواج من ساره من سابع المستحيلات ولكنه إستمر يعدد محاسن ذلك الزواج وكلما تذكر أهله شعر بشعور البائس الحزين والذي لايعرف يرضي من؟؟ ساره أم اهله؟ ولو لم يتزوج ساره ماذا سيحدث ومن سيتزوج لاحقا؟
يعود بالتفكير بموضوع الانغلاق القبلي وكما أحب فيصل ان يسميه بالتقوقع... البنت لإبن عمها يبدو أن الباديه وحياة الصحراء قد لعبت في عقول البدو... وعندما نلقي نظره على امريكا والشعوب التي تطورت وخرجت منها العقول النيره لم تكن منغلقه ابدا ولم تهتم إلى تمييز قبلي صحيح انه كان لديهم عنصريه تجاه لون معين ولكن ليس تجاه قبيله معينه... فإن استمرينا على هذه العادات سنظل نغني ونردد "ياامة ضحكت من جهلها الأمم" ثم تنقطع افكاره عندما سجلت ساره دخولها في الماسنجر.. كان يدور في ذهنه سؤال تعجيزي ويود أن يسألها اياه "كيف ستقنعين اخيك بالزواج مني؟" ولكن ما ان هم بكتابته تذكر انها قد كتبت له في رسالتها أنها لاترغب في الحديث عن موضوع الزواج في الماسنجر وبالتالي هي تجبره ان يوافق وأن يراها مرة اخرى في البنك أو ان يكون لقائهما في مجمع الراشد هو الأخير...
تراجع عن سؤالها ورحب بها كالعاده وتحدثا قليلا.. ولم تكن أحاديثهما ممتعه بل غلب عليها طابع التحفظ وكل واحد منهما يخاف ان يزل لسانه فيتلكم في شيء لايرغب في الحديث عنه أو لايرغب الطرف الاخر في الحديث عنه. ضحكا ببرود ثم وبعد سرد ممل لأحداث يومهما قال فيصل لساره انه غدا سيسافر للرياض وعندما سألته عن السبب قال انه يرغب في تغيير جو وزيارة اهله كما انه يشعر بالملل من بقائة في الشرقيه... وكان يقصد بذلك الملل هو التفكير الطويل والمعقد والذي إزداد تشعبا في ذهنه والذي نشأ من بعد رسالة سارة أو الورقة المشؤومه...
رآئع يآفيصل :$
ردحذفمعك يآفيصل إلى الآنهآئيه ومآبعدهآ ض1
اهلا وسهلا فيك...
ردحذفتسعدني متابعتك دائما...ق1
والرائع هو مرورك... وتواجدك
دمت نورا لصفحات مدونتي :)